هل بدأ العد العكسي الشيعي لرحيل ألعبادي عن رئاسة الحكومة؟

  • تعليق

المالكي يواصل التآمر عليه وقادة المليشيات يشاكسونه والحكيم معني بصغائر الأمور والصدر لا يحاسب وزراءه الفاسدين كان واضحا مدى الضيق الذي بدا على رئيس الحكومة حيدر ألعبادي وهو يشارك في جلسة خاصة لمجلس النواب لمناقشة تداعيات ما حدث في ناظم الثرثار بمحافظة الأنبار، عندما لمح بأنه سيغادر منصبه إذا اخفق في الانتصار على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وطردهم من العراق، أو فشل في بسط الأمن وتحقيق الاستقرار، وهذه قضايا معقدة ليس بوسعه حلها دفعة واحدة في ظل أجواء الاحتقان السياسي، والتردي الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط وتوقف المشاريع، وضعف الميزانية، وتزايد عدد النازحين، إضافة إلى التحديات التي تواجهه من داخل البيت الشيعي، ونقمة السنة العرب عليه، وزعل الأكراد على تردده. وينقل عن احد نواب اتحاد القوى السنية طلبَ عدم ذكر اسمه، انه شعر بالإشفاق لأول مرة على ألعبادي وهو يتحدث بنبرة حزن مشوبة بالألم عن معاناته والمشاكل التي برزت أمامه منذ اختياره رئيسا للوزراء في الثامن من آب الماضي، وخصوصا عندما قال بالنص: لست متمسكا بموقعي وإذا أجمعتم ـ مخاطبا النواب ـ على عدم بقائي في منصبي فبارك الله بكم وأنا من جانبي إذا وصلت إلى قناعة بأنني لا أصلح وغير قادر على حل الأمور فاني سأغادر رئاسة الحكومة غير مأسوف عليَّ، قال الجملة الأخيرة وهو يصطنع الابتسام.

بغداد/ بعد اتصالات ولقاءات مع عدد من النواب والسياسيين من مختلف الكتل، إن الزخم السياسي الذي تلقاه ألعبادي عندما اختير رئيسا للوزراء في أيلول الماضي من الأطراف السياسية والكتل النيابية بدأ يضمحل ويتلاشى نتيجة التناقضات التي تتحكم في المشهد السياسي، خاصة وان ألعبادي ما زال مترددا في حسم بعض الإشكالات الخاصة مع حلفائه في التحالف الوطني وفي مقدمتها العلاقة الملتبسة مع رئيس الحكومة السابق نوري المالكي الذي تزايدت مشاغباته عليه في الفترة الأخيرة، ووصلت إلى نوع من القطيعة بينهما. وكان ألعبادي قد أشار إلى تآمر المالكي لإسقاط حكومته عندما ابلغ مجلس النواب في جلسة استضافته مؤكدا أن هناك (جهة سياسية) داخل التحالف الوطني تسعى إلى إسقاط حكومته من خلال استغلال حادثة الثرثار والتهويل بها، منوهاً بان هذه (الجهة) تحاول السيطرة على الحشد الشعبي ليكون قوة مسلحة بديلة للجيش والشرطة ليتم استخدامها في تحقيق مآرب سياسية.

ورغم العلاقة الطيبة التي تجمع ألعبادي مع رئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم إلا أن الأخير لا يقدم عوناً حقيقيا لرئيس الحكومة ويلجأ دائما إلى طرح آراء ونصائح (مثالية)، وخصوصا
 
في ندواته الأسبوعية الثقافية التي هي في الواقع (ثرثرة دواوين) كما يصفها الكثير من النواب والسياسيين الذين حضروا عددا من جلساتها.. ويأخذ ألعبادي على الحكيم انه يبحث عن صغائر الأمور ويضخمها بطريقة مبالغ فيها مثل تعيين السيدة ذكرى شبر أمينة للعاصمة وكالة، وعدم إعادة محمد تقي مولى إلى رئاسة هيئة الحج والعمرة، واستبعاد تعيين احد مرشحي الحكيم لرئاسة هيئة النزاهة، وهذه كلها وغيرها في رأي ألعبادي قضايا لا تستحق أن ينشغل بها زعيم سياسي من وزن السيد عمار.

وفي ما يتعلق بالعلاقة بين ألعبادي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر فان أوساط رئيس الحكومة تقول: إن ألعبادي مع تقديره لمواقف الصدر الداعمة له، إلا انه يواجه مشاكل مع وزراء تياره، واغلبهم يفتقر إلى الكفاءة والإلمام بشؤون وزاراتهم، دون أن يتعرضوا إلى المساءلة من زعيمهم مقتدى الذي لمح في كثير من المناسبات بتغييرهم، ولكنه سرعان ما يتراجع لأسباب مجهولة. ويعتقد ألعبادي إن وزراء حكومته من جميع الكتل يجب أن يكونوا بمستواه في الرؤية والسلوك والمنهج، وهذا ضرب من المستحيل، حسب رأي النائب علي العلاق- وهو احد المقربين منه- وساهم بشكل فعّال في ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء- في حديث له مع حلقة نيابية في كافتريا البرلمان ويقول: إن مشكلة ألعبادي تكمن في انه يريد إحراز نجاحات في مختلف المجالات بسرعة قياسية بوجود وزراء بعضهم لم يذهب إلى وزارته منذ تعيينه فيها مثل وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، وبعضهم حوَّل وزارته إلى ضيعة حزبية مثل وزير الداخلية محمد الغبان، وبعض آخر ضاع في الوزارة التي تولاها مثل وزير الزراعة فلاح الزيدان . ومما ساهم في تشاؤم ألعبادي من مستقبل حكومته، إن ظروفا استجدت في المشهد السياسي باتت تشكل عبئا عليه، فأزمة تزايد النازحين تضغط عليه، وبروز قادة المليشيات الشيعية وعدم رضوخهم لقراراته تضعفه سياسيا، والتأخر في القضاء على داعش يشكك بقدراته كقائد عام للقوات المسلحة، واستعجال السّنة له بتنفيذ خطوات المصالحة والتوازن والحرس الوطني والاجتثاث، يضعه في موقف محرج أمام عتاة الشيعة الذين يعارضون هذه القضايا جملة وتفصيلا، يضاف إلى ذلك كله إن الأكراد يواصلون ابتزازهم له، ولا يكتفون بالتفاهمات التي عقدها معهم، ومن ضمنها الاتفاق النفطي. ووفق ما نسب إلى وزير التعليم العالي حسين شهرستاني الذي رافق رئيس الحكومة في زيارته الأخيرة إلى واشنطن، فان الأمريكان الذين ذهب إليهم ألعبادي طلبا لمساعدته أضافوا عليه أعباء جديدة عندما رهنوا دعم حكومته بتقديم المزيد من التنازلات للسّنة، والاستجابة الكاملة لمطاليب الأكراد (حسب رأي شهرستاني). وفي السياق نفسه فان ألعبادي لم يوظف طيلة الشهور التي مضت وهو على رأس الحكومة، في تدعيم مكانته الحزبية ودوره السياسي في أوساط حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون، ويبدو انه لا يطمح بقيادة الحزب والائتلاف، وليست لديه رغبة شخصية في زعامتهما، مما ترك المجال واسعا أمام غريمه المالكي ليواصل مشاغباته عليه وتحريض حلفائه قادة المليشيات أمثال هادي العامري وأبو مهدي المهندس وقيس الخزعلي على الانتقاص منه وعدم الاعتراف بهِ، ويتردد بهذا الصدد إن المالكي ووزير الداخلية الحالي محمد الغبان هما من شجَّع مجموعة مشتركة من الحشد الشعبي بالهجوم على مركز شرطة التاجي شمال بغداد وإطلاق سراح معتقلين بقضايا السرقة والنهب في محاولة لترهيب ألعبادي، وتحذيره من مغبة التعامل الخشن مع المليشيات، حتى إن كاتبا ومعلقا سياسيا هو انس الشيخ مظهر أجرى مقاربة بما يحدث في العراق مع ما يجري في اليمن، عندما وصف ألعبادي بأنه يشبه الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وقال عن المالكي انه يمثل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.، إن التوتر الذي يعيشه ألعبادي ارتفعت معدلاته مع قرار لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي بالتعاطي مع السّنة العرب والأكراد ككيانين مستقلين، وهو قرار كان أعضاء في الكونغرس قد ابلغوا ألعبادي بقرب صدوره عندما زار واشنطن قبل ثلاثة أسابيع، إلا أن انعكاساته السلبية وخصوصا على الأطراف الشيعية كان أشبه بالصاعقة، وهو أمر زاد من أزمات ألعبادي وخلق مناخا من التفاؤل والتشاؤم في آن واحد داخل حكومته، فالوزراء السّنة والأكراد عدوا القرار وكأنه انتصارا لهم، فيما وصفه الوزراء الشيعة بأنه ضدهم، وألعبادي في حيرة ، يقف مع من ويعترض على من .!


ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِين



شاهد ايضا ( مشابه )

مجلس عشائر الجنوب
مجلس عشائر الجنوب المكتب الأعلامي
مجلس عشائر العراق العربية في الجنوب هو تجمع عشائري سياسي مقاوم يجمع رؤساء القبائل والعشائر والأفخاذ وشخصيات ثقافية واجتماعية مناهضة ورافضة ومقاومة للاحتلال الأمريكي الغازي وإفرازاته والتصدي للتدخلات الخارجية بالشؤون الداخلية للعراق وخاصة التدخل الإيراني السافر