مقايضة العصر الكبرى (اجتياح عسكري - مقابل النووي الإيراني)..!! د. أبا الحكم

  • تعليق

1 - هي مقايضة تمت بين طرفين، أمريكي وإيراني، وكل الأطراف الأخرى لم تكن تعني شيئاً، لا مجلس الأمن الدولي ولا القانون الدولي ولا مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ولا حتى مجموعة دول (5+1)، على وجه التحديد، التي لا تملك تفويضاً دولياً، كما لا تمتلك ضمانات تتعلق باحتمالات التراجع او الاختلال بالالتزامات، إيران، وكما يعرفها الجميع، تستطيع ان تتخلى عن التزاماتها بتخريج الصراعات الداخلية ومماحكات ولي الفقيه، والترويكا الأوربية تستطيع هي الاخرى ان تتملص او تعيد ترتيب أوراقها في ضوء النتائج ولا إحراج يمكن توقعه مادامت برلماناتها لم تصادق على الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، كما هو معروف على مستوى الاتفاقات الثنائية والدولية التي تشترط بعد التوقيع بالأحرف الأولى المصادقة عليها كما هو حال سالت 1 وسالت 2 التي انجزت سياسياً وتقنياً وقانونيا، كل هذا ليس موجوداً على طاولة المفاوضات التي استمرت، وهي لعبة كبرى، قرابة اكثر من اثني عشر عاماً من المماطلة والتسويف، ليس لشيء أنما لتمرير أجندات سياسية - استخبارية تعمل بنشاط في المنطقة وعلى أرض الواقع.

2 - أمريكا تعرف أنها لن تخوض حرباً برية لا في العراق ولا في غيره، وإيران تعلم ذلك أيضاً، وأمريكا بحاجة إلى قوات أرضية تحسم لها الموقف على الأرض، وإيران لديها خياران:

الأول - ويسمى (الحشد الطائفي) الذي تريد ان يحل محل اي قوة نظامية اسمها الجيش في العراق، هذا الحشد الطائفي الخالص كان قد دعا اليه (علي السيستاني) وهي حشود مليشية غير قادرة من الناحية العملية على الحسم ولا تمتلك (القدرات) العسكرية، لا هي ولا الجيش العراقي المليشي، الذي تراجعت (قدراته) بتخطيط ايراني لكي تمارس ايران الصفحة الثانية التي تتعلق بموضوعة الحرب وحسمية الصراع، وخاصة على أرض دولة فاشلة (سياسياً واقتصادياً وعسكرياً) بكل المقاييس، وهذا الفشل هو الاخر مدروس بعناية فائقة، لأن امريكا وإيران لا تريدان دولة معافاة تعتمد على السياقات الوطنية في البناء والتطور.

الثاني - وهو إذا فشلت قطعان (الحشد الطائفي) في حسم المعا رك، فأن ايران ستنفذ تدخلها العسكري النظامي المباشر، والذي نراه في هذه الظروف تدفق الدروع الايرانية الى منطقة ديالى بعد ان أوقفتْ حشود (الجيش العراقي والحشد الطائفي) عند خط معين ريثما تصل دروع ايران العسكرية داخل الاراضي العراقية لخوض معارك (التحرير)، وهذا يدعونا لنتفحص هذان الخياران:

- على الرغم من انهما خيارين يخصان ايران في قرارها، إلا انهما قرارين يتعارضان مع القانون الدولي والشرعية الدولية ومبادئ ميثاق الامم المتحدة – حتى وإن تحدث حيدر العبادي رئيس الوزراء عن اتفاق أمني بين بغداد وطهران - فأن هذا الاتفاق لا يكتسب الشرعية لاعتبارات عديدة منها: ان العراق ما يزال محتلاً من قوة أجنبية هي أمريكا ومحكوم باتفاقية الأطار الاستراتيجي (المعقودة اساساً بين واشنطن وطهران)، وأن حكومة العراق هي حكومة احتلال (ألعوبة) حسب التوصيف الأمريكي ولا تمثل الشعب العراقي وتفتقر الحالة التمثيلة الكاملة والشاملة للشعب.

القانون الدولي ومبادئ ميثاق الامم المتحدة تمنع التدخل بأي صيغة كانت ولأي غرض او مقاصد من شأنها ان تسوغ التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

- هنا، لا نجد اي رد فعل من لدن مجلس الامن الدولي ولا اي رد فعل امريكي او اوربي ولا حتى من جامعة الدول العربية ودول الجوار الاقليمية، وهذا يدل على ان القانون الدولي ميثاق الامم المتحدة مغيبان تماماً بقرار سياسي أمريكي، على الرغم من المخاطر التي تنجم عن هذا التدخل من تدمير ومجازر وابتلاع أراضي وطنية عراقية وفرض سياسة الأمر الواقع عسكرياً، التي لا يقرها القانون الدولي ونظام العلاقات الدولية، فضلاً عن احتمال اتساع دائرة الصراع لتشمل عدداً من دول المنطقة، الأمر الذي ستتضرر من جرائه مصالح كافة دول العالم وفي مقدمتها الدول الأوربية وأمريكا ودول المنطقة.!!

- إن سكوت مجلس الأمن الدولي إزاء الخرق الإيراني سيشكل سابقة يمكن أن تستخدمها أي دولة حين تتدخل في المسائل التي تخص جوارها دون محاسبة أو عقوبات أو رادع.

- إن نتائج الصمت الدولي الرسمي وغيره سيشجع إيران وأي دولة أخرى التي لها دوافع توسعية أن تستغل فرصة مماثلة تنطوي على رضا منظمة الأمم المتحدة، لتنفيذ اهدافها في التوسع الإقليمي على حساب جاراتها، عندها تمسي العلاقات الثنائية والدولية محكومة بشريعة الغاب.

- إن سكوت الجامعة العربية هو خرق لميثاق العرب جميعاً، الذي يدعو أمينها العام حالياً إلى تفعيل (معاهدة الدفاع العربي المشترك)، هذا السكوت ينطوي على إهانة للدول العربية وللشعب العربي وهو يرتب سابقة ستنسحب على أي دولة عربية في قابل الأيام، الأمر الذي يستوجب وفقاً للميثاق الدعوة إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب للتباحث حول صيغة موحدة لقرار عربي موحد يضع حداً لتمادي إيران في سياستها العدوانية على العراق وأقطار الوطن العربي.

3 - إيران لن تجرؤ على الدخول بقطعات دروعها العسكرية النظامية إلى اراضي العراق لولا التنسيق العسكري- الاستخباري بين أمريكا وإيران (أمريكا وحشد طيرانها في السماء، وإيران وحشد قواتها على الأرض) لمقاتلة شبح اسمه (الإرهاب) وهو في حقيقته القوى الوطنية والقومية والإسلامية، التي ترفض الاحتلال الأمريكي والنفوذ الإيراني المستشري في العراق، "صرح رئيس الأركان الأمريكي مارتن ديمبسي، أن التدخل الإيراني في العراق هو الأوضح منذ عام 2004 وقد يكون إيجابياً"، وهو الأمر الذي ينطوي على عدم اعتراض امريكا على السلوك العسكري التدخلي الإيراني في العراق، بالضد من سياقات مجلس الأمن والقانون الدولي، فلا يحق لأمريكا أن تعطي موافقتها لدولة على اجتياح الحدود السيادية لدولة أخرى بما يحقق لها مصالحها وأهدافها، كما أن ليس من حق إيران أن تتجاوز على حقوق الدول الأخرى تنفيذاً لرغباتها ولرغبة أمريكا بما يتعارض مع أركان النظام الدولي القائم على الميثاق والقانون الدولي.

المطلوب الآن، التحرك السريع لعقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الجامعة العربية يمهد لجلسة طارئة لقمة مصغرة تفرضها الظروف الخطيرة الراهنة لاستدراك النتائج التي يمكن ان تترتب جراء ما يسفر عنه التدخل العسكري السافر في العراق، الأمر يستوجب قراراً عربياً جماعياً رادعاً لوقف التمدد الإيراني وعدم الانتظار ما تسفر عنه جهود المراوغات الأمريكية المخادعة التي اوصلت المنطقة إلى ما هي عليه، الانتظار لا ينفع، والاتكال على الغير لا ينفع، والاعتماد على النفس بجمع الكلمة المؤثرة والقاطعة هو الذي سيضع الحالة عند حدودها، وحين تكون القرارات مشفوعة بمقاطعات جدية اقتصادية ومالية وسياسية واتصالات وطيران ومصارف وتمثيل دبلوماسي، ستفكر كل دول العالم عندئذٍ بمصالحها وحجم هذه المصالح، أما معالجة الأمر ببيانات الاستنكار والاحتجاج فلا تحصد الدول العربية وقياداتها غير الاستهزاء والذل والخيبة.!!

ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِين



شاهد ايضا ( مشابه )

مجلس عشائر الجنوب
مجلس عشائر الجنوب المكتب الأعلامي
مجلس عشائر العراق العربية في الجنوب هو تجمع عشائري سياسي مقاوم يجمع رؤساء القبائل والعشائر والأفخاذ وشخصيات ثقافية واجتماعية مناهضة ورافضة ومقاومة للاحتلال الأمريكي الغازي وإفرازاته والتصدي للتدخلات الخارجية بالشؤون الداخلية للعراق وخاصة التدخل الإيراني السافر