بغداد عصية على ملالي إيران! د. حسن طوالبه - كاتب وباحث أكاديمي من الأردن

  • تعليق

ما ان سيطر الحوثيون على صنعاء حتى أصاب رجال الملالي هوس وتصريحات تنم عن هستيريا النصر المفاجئ والصدمة المفرحة، وأخذوا يصرحون بأن إيران صارت ملكة البحر والبر في المنطقة. وأن عز إيران الإمبراطوري قد عاد، وأنه آن الأوان لتلقين العرب الهمج الذين كسروا إمبراطورية كسرى في زمن ماض درساً مراً. ويحاول بعض رجال الملالي أن يعبروا عن هذه الرغبة العارمة بإذلال العرب بأن دور إيران الجديد هو حماية المنطقة من خطر الإرهاب الذي تمثله "داعش"، متناسين أن نظام الملالي هو من اخترع الإرهاب على أصوله.

ولاستكمال هذه العنجهية التوسعية فقد قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن "إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"، وذلك في إشارة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها.

ونقلت وكالة أنباء "إيسنا" للطلبة الإيرانيين عن يونسي تصريحاته خلال منتدى "الهوية الإيرانية" بطهران، الأحد الموافق 8-3-2015، حيث قال إن "جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة وثقافتنا غير قابلة للتفكيك، لذا إما أن نقاتل معاً أو نتحد"، في إشارة إلى التواجد العسكري الإيراني المكثف في العراق خلال الآونة الأخيرة.

وهاجم يونسي الذي شغل منصب وزير الاستخبارات في حكومة "الرئيس الإصلاحي"، محمد خاتمي، كل معارضي النفوذ الإيراني في المنطقة، معتبراً أن "كل منطقة الشرق الأوسط إيرانية"، قائلاً "سندافع عن كل شعوب المنطقة، لأننا نعتبرهم جزءاً من إيران، وسنقف بوجه التطرف الإسلامي والتكفير والإلحاد والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية"، على حد تعبيره. وهكذا فأنه يهاجم كل هذه الجهات ولم يعتبر لما ستؤول مثل هذه التصريحات من عواقب في المدى المنظور. فهذا الاستعداء الشامل لهذه القوى هو تعبير عن العنجهية والغرور الذي سيقود إلى الانكسار والتدهور والانحدار نحو الهاوية.

وأكد مستشار الرئيس الإيراني استمرار دعم طهران للحكومة العراقية الموالية، وهاجم تركيا ضمنياً، قائلاً "إن منافسينا التاريخيين من ورثة الروم الشرقية والعثمانيين مستاؤون من دعمنا للعراق"، في تلميح إلى استياء تركيا من التوسع الإيراني. وأشار يونسي في كلمته إلى أن بلاده تنوي تأسيس "اتحاد إيراني" في المنطقة، قائلاً "لا نقصد من الاتحاد أن نزيل الحدود، ولكن كل البلاد المجاورة للهضبة الإيرانية يجب أن تقترب من بعضها بعضاً، لأن أمنهم ومصالحهم مرتبطة ببعضها بعضا". وأضاف "لا أقصد أننا نريد أن نفتح العالم مرة أخرى، لكننا يجب أن نستعيد مكانتنا ووعينا التاريخي، أي أن نفكر عالمياً، وأن نعمل إيرانيا وقوميا".

وتأتي تصريحات مستشار الرئيس الإيراني بعد يومين من تصريحات وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي، جون كيري، والتي أكد خلالها أن "إيران تسيطر على العراق"، ضارباً مثلاً بعملية تكريت التي تنفذها القوات العراقية بمعية الميليشيات الشيعية وقوات إيرانية يتقدمها قاسم سليماني.

ويقول مراقبون إن العراق بات محتلاً اليوم من قبل إيران، ولا يقتصر تواجدها العسكري في تكريت فقط، حيث أشارت تقارير إلى أن القوات الإيرانية وصلت إلى محافظة ديالى العراقية شمال شرق بغداد تحت غطاء محاربة "داعش".

وكان رئيس أركان الجيوش الأميركية، الجنرال مارتن ديمبسي، قد وصف التدخل العسكري الإيراني الأخير في العراق بأنه "الأكثر وضوحاً في العراق منذ عام 2004". ("العربية نت" 8/3/2015).

وتقول التقارير العالمية أن قاسم سليماني يقود المعارك في تكريت، وتستعد المليشيات التي تقاتل تحت إمرة سليماني للتنكيل بأبناء المنطقة بدعوى الانتقام من أتباع صدام حسين. وهذا يعني أن سليماني يعمل مع المليشيات العراقية والقوات الإيرانية المدربة من أجل تحقيق انتصارات تعود على هذه المليشيات بالفائدة مستقبلاً، فهذه المليشيات التي لا تأتمر بأوامر الجيش أو الأمن سوف تطالب بدور مهم في الحكومة العراقية، وإذا لم يتحقق لها ما تريد فقد تنقلب على الحكومة في بغداد وتشكل حكومة أخرى من المنتصرين في الحرب.

إن هذه الرؤية يسعى إليها سليماني من تعزيز سلطة الملالي على العراق، ويتحقق ما يقوله يونسي بأن العراق وإيران وحدة في الهوية الطائفية والمصالح. فهذا معناه أن إيران الملالي ستكون هي صاحبة القرار في العراق وسورية، وتتحكم بالشعبين فيهما إلى أمد بعيد.

إن هذا الواقع الجديد يستلزم من الحكومات العربية التحرك الجاد دون مداراة للحد من توسع الملالي في إيران، والمسالك كثيرة ومتعددة منها الأكراد الذين يعانون الويل من ملالي طهران، ومنهم العرب في الأحواز الذين لم ينالوا حقهم في الحياة الكريمة رغم أن جل ثروات إيران هي من هذا الإقليم. والانفتاح على القوميات المضطهدة في إيران، ومنها التعاون مع (منظمة مجاهدي خلق) المعارضة لولاية الفقيه، ولها شعبيتها في الداخل والخارج. كما لابد للحكومات العربية مفاتحة الدول الغربية بوضوح لمغادرة الدبلوماسية مع نظام الملالي في موضوع الملف النووي.

ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِين



شاهد ايضا ( مشابه )

مجلس عشائر الجنوب
مجلس عشائر الجنوب المكتب الأعلامي
مجلس عشائر العراق العربية في الجنوب هو تجمع عشائري سياسي مقاوم يجمع رؤساء القبائل والعشائر والأفخاذ وشخصيات ثقافية واجتماعية مناهضة ورافضة ومقاومة للاحتلال الأمريكي الغازي وإفرازاته والتصدي للتدخلات الخارجية بالشؤون الداخلية للعراق وخاصة التدخل الإيراني السافر