كاميرا التقرير بين نازحي العراق: ملايين يبحثون عن وطن

  • تعليق

عمر علي – التقرير

يقولون “ليس من رأى كمن سمع“، ولإيماني بعمق هذه المقولة؛ فقد توجهت إلى أماكن تجمع نازحي العراق وارتشفت جرعات صغيرة جدًا من سيل الألم الذي اكتسح كل شخص قُدر له أن يكون في أكثر الأماكن بؤسًا في عالمنا اليوم.

لا يخفى على الجميع أن العراق تغير جغرافيًا وديموغرافيًا وتغيرت تركيبة السكان في أغلب مناطقه بعد الاحتلال الأمريكي وسقوط نظام البعث والإطاحة بصدام حسين؛ حيث بدأت حالات النزوح والتهجير القسري، بشكل يلاحظه أبناء الوطن ولا يلاحظه العرب والعالم.

النزوح، أو التهجير الجماعي، هو مأساة إنسانية كارثية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ وأبعادٍ؛ وأصبح واحدًا من أهم العناوين التي تعبر عن مأساة عراق ما بعد الاحتلال، والمستهدف الأكبر والمتضرر هم العرب من أهل السنة! فهناك الكثير من القصص والحكايات الواقعية الأليمة التي تكشف مدى الألم والمعاناة التي تعرضت لها مجموعة كبيرة من العراقيين، ولا يخفى على أحد أنهم أبناء طائفة معينة ممن هُجر وقُتل وطُرد من منزله ودياره، ومن شُرِّدَ ليعيش في العراء بلا ذنب أو أي وجه حق.

بين المعاناة ومشروع التهجير القسري

بدأت أولى حالات النزوح والتهجير بعد الاحتلال، أي منذ عام 2003؛ حيث خرج العديد من العوائل من المحافظات الجنوبية وبغداد ومناطق عدة بعد سيطرة الميليشيات الطائفية على هذه المناطق وغيرها، وتبعتها حركات نزوح واسعة، بالأخص في سنوات الحرب الطائفية من عام 2006 إلى 2011، ثم تلتها حالات نزوح بسيطة نسبيًا بين الحين والآخر، كتهجير سكان القرى أو أحياء بعض المدن من سكانها، بواسطة الميليشيات الطائفية المدعومة حكوميًا والممثلة عنهم بوزراء وبرلمانيين؛ إلى أن بدأت أكبر حركة نزوح شهدها العراق حتى وصل أعداد النازحين إلى 2.7 مليون نازح، حسب آخر بيان للجنة الهجرة والمهجرين النيابية.

وقال عضو اللجنة، النائب “أحمد السلماني”، في تصريح صحفي، إن: “آخر إحصائية لوزارة الهجرة والمهجرين أظهرت تسجيل 2 مليون و300 ألف نازح في العراق“، مشيرًا إلى أن: “أعداد النازحين غير المسجلين ربما يكون بحجم وأعداد النازحين المسجلين؛ مما يرفع أعدادهم إلى 5 ملايين نازح، غالبيتهم الساحقة من الطائفة السنية ومن سبع محافظات، هي: الأنبار، صلاح الدين، بغداد (حزام بغداد) وبعض المناطق، الموصل، ديالى، وبعض مناطق كركوك والحلة“.

وفي نهاية عام 2013، بدأت حركات النزوح في بعض مدن الأنبار بعد الاشتباكات بين مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية والقوات الحكومية، وتحولت مناطقهم إلى مناطق حرب لا تصلح للسكن، ومع استمرار القصف على المدينة دون تمييز بين مدني أو مقاتل؛ فقد نزح معظم سكانها إلى مناطق قريبة آمنة نسبيًا؛ لتلحق بعدها محافظة نينوى ومركزها الموصل، وبعد أيام تنضم محافظة صلاح الدين وديالى وجرف الصخر في محافظة الحلة جنوب بغداد؛ مما أدى إلى حالات نزوح جنونية أعقبتها معاناة وجوع وبرد أو حر شديدين وأمراض وأوبئة؛ فتصاعدت المخاطر وصولًا إلى المعاناة الكبرى التي تمثلت في العيش بمخيمات لا يتوفر فيها أبسط مقومات العيش.

يبدو أن ما حصل في عام 2014 إلى الآن هو ذروة مشروع التهجير الطائفي الجديد وما تبعه من نزوح جماعي؛ حيث بدأت أعداد النازحين تتزايد بشكل لافت للنظر، وتفوق ما وصفته المنظمات بعدم القدرة على حصر أعداد العوائل النازحة، إضافة للهجرة الداخلية والنزوح داخل المحافظات بحثًا عن المناطق الآمنة؛ فوجئت بعض العوائل بغلاء الأسعار واستغلالهم من قبل أصحاب العقارات والفنادق؛ مما أدى إلى نفاذ خزينتها واضطرارها للعودة إلى سكنها الأصلي رغم القصف والعمليات العسكرية!

فمن بين أكثر من مليوني نازح تقريبًا، وجد ما يقرب الثلث مأواهم في أماكن دون المستوى، بما في ذلك المباني العامة كالمدارس والمساجد وكذلك المباني المهجورة وغير المكتملة، في لهيب الصيف أوصقيع الشتاء، في حين أن ما يقرب من 200 ألف نازح يعيشون في المخيمات بعد أن تركوا خلفهم كل شيء، ويحملون معهم ما خف وزنه وغلا ثمنه. ومن مشاكل المخيمات أنها تكتظ بالنازحين، ومنها ما تعرض للتآكل في فصل الصيف وانتشار أمراض كثيرة كالربو والحساسية وأمراض جلدية؛ حيث لا هواء نقي أو مياه صافية، ونقص الغذاء وقلة الأدوية والحاجيات المنزلية الأساسية، إضافة لوجود حالات إنسانية صعبة يعيشها من بداخلها، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وغياب أبسط متطلبات العيش. وتزداد المعاناة قسوة مع برد الشتاء الذي لا يرحم وهم يتسكعون ويبحثون عن شيء يقيهم شر وقساوة البرد وعن دفئ لأبدانهم الهزيلة. وامتد أثر النزوح إلى جوانب اقتصادية واجتماعية، كقضية التعليم؛ مما أدى إلى إيقاف الدراسة بعد أن أضحت المدارس ملجأ للعوائل بعد حصول أزمة سكن جراء عمليات النزوح الهائلة وتوقيف وتأخير رواتب الموظفين النازحين، إضافة لأثره على الجانب الاقتصادي؛ بسبب إفلاس وتوقف المحال التجارية وخسائر التجار جراء حرق المحلات و قصفها أو تضررها من الاشتباكات.

يُقدر عدد العوائل النازحة إلى مدينة سامراء وحدها ما يقارب 14 ألف عائلة، موزعين على مراكز لإيواء النازحين، ويوجد مخيم واحد في سامراء موجود في منطقة (الحويش)، والذي يضم ما يقارب الـ 100 عائلة، وتجمعات للنازحين في وسط المدينة في بناية قيد الإنشاء مجاورة لمدرسة عمر المختار الابتدائية وتضم أكثر من 130 عائلة تعيش أوضاعًا مأساوية، إضافة لتجمع النازحين في مركز الشباب يقدر عددهم بـ 300 عائلة، ولم يصل مدينة سامراء سوى 13 كرفانًا من أصل 3000 كرفان، ويتم تسليم العائلة النازحة سلة غذائية واحدة شهريًا تكفي ما يقارب 10 أيام.

وأمام هذه الأعداد الضخمة من النازحين؛ فإن هناك شُحًا في المنظمات الإغاثية. فأنشط المنظمات وأكثرها فاعلية في مدينة سامراء هي: منظمة جنات الفردوس، مؤسسة صروح، هيئة إغاثة النازحين، مؤسسة البشير للتنمية، الهلال الأحمر العراقي. وتعاني منظمات المجتمع المدني من ضعف بالدعم، وبالتالي؛ ينعكس هذا الضعف على النازحين، كما أن دور المؤسسات الإغاثية التابعة لليونيسيف غير كافٍ، وبالكاد توفر بعض الاحتياجات كما في قرى منطقة جلام الدور في محافظة صلاح الدين؛ حيث تم إعطاء 210 عائلات عائدة من النزوح بعض الاحتياجات مع مياه الشرب، يوم السبت 11/ 4/ 2015؛ فالعوائل تحتاج لماء الشرب بصورة رئيسة!

10613790_430483953779225_1545463122_n

11137035_430483960445891_232986282_n

يعد ملف النازحين والمهجرين أهم وأخطر الملفات في العراق، ولم يُفتح من قبل بشكل جدي، ولم تُنشر معاناة نازحي العراق إلا نادرًا، وتم التركيز على الأقليات، بينما كالعادة تركوا الأغلبية تعاني الموت والجوع والتشرد؛ فكان لابد من فتح هذا الملف “المتعب”.

تمكنتُ بحكم عملي كصحفي وناشط في مجال الإغاثة والمساعدة من جمع ونقل معلومات وشهادات وصور حصرية لـ “صحيفة التقرير” عن عوائل تركت لمصيرها المجهول قصصًا ومآسي يقابلها تخاذلٌ حكوميٌ وصمتٌ دوليٌ وعدم مصداقية المنظمات ولصوصٌ وسراقٌ وأسماءٌ كبيرةٌ تنهب الأموال المخصصة للنازحين وساسةٌ لم يكلفوا أنفسهم السؤال عن ملايين المهجرين من أبناء بلدهم، وتمكنت من جمع بعض المعلومات لتعريف العالم بما يعانيه ما يقارب 5 ملايين سني داخل العراق في المأساة الأخيرة فقط، ما عدا من هاجر خارج العراق … ومنها:

المرأة المهجرة “حتى فاتحة محد سوه لزوجي”!

11084300_430481120446175_2676999731004044194_n

هذا ما قالته إحدى الأخوات. وقفت حائرًا: ماذا أقدم لأم رسول وهي أم منكوبة لأربعة أطفال، مهجرة من ديالى، تسكن حي الجبيرية الثالثة قرب جامع الأبرار؛ حيث لا يوجد أحد من أهلها أو أقاربها في المدينة؟! توفى زوجها الشاب مرضًا، وسبحان الله، لم تذكر ألم التهجير القاسي والفقر، لم تذكر وفاة زوجها؛ ولكن الذي آلمها -والدموع تملأ عينيها-؛ أنها لم تقم عزاء (فاتحة) لزوجها.

دفنه أهل الرحم بهدوء، ولم يقل لها أحد “البقاء لله.. عظم الله أجركم”، أو يواسيها؛ وهي امرأة ﻻ زالت شابة. تسكن وحيدة في بيت متهالك بلا ثلاجة أو ماء بارد أو راتب أو معيل، مع الكثير من الوعود بأن تُعطى المليون دينار؛ لكن “لا مليون!”؛ لأن الأموال التي تعطى للنازحين أغلبها تتم سرقتها وإعطاؤها لغير المستحقين من قبل المسؤولين، ويُطلب من النازحين والمنكوبين رشوة تعادل نصف المنحة المالية لكي تُصرف لهم!

“كل شيء ما إلنا …”: عبارة قالتها أم رهام باكية!

photo.php1 (2) (1)

أم رهام، اعتقل زوجها وهو يقرأ القرآن وأخوه، في 7/ 7/ 2014، من قبل قوات الحشد الشعبي، وهجروا منزلهم الكائن في قرية الزلاية قرب مكيشيفة، ومنذ ذلك الحين؛ لم تعرف شيئًا هي وزوجة شقيقه عن أزواجهما؛ هل هما أحياء فيعشن على أمل اللقاء بهما؟ أم أموات فيعزين أنفسهن؟ وتسكن العائلتان في هيكل بائس في حي المثنى قرب المدارس، وﻻ تجدان لقمة يأكلانها. وأقسمت أنهم منذ يومين لم يأكلوا شيئًا وليس لديهم أي مال ﻻ قليل وﻻ كثير؛ والمرض والجوع والخوف والقلق قد أخذ منهم كل ما أخذ.

مأساة أخرى.. شابٌ كفيفٌ مقطع الأوصال

11125519_430485227112431_1242021473_n

قابلت في جولتي شابًا كفيفًا، يداه مقطعة لدرجة العجز، متزوج، وعدد أفراد عائلته خمسة. عندما التقيته، ناشد منظمات المجتمع وأهل الخير بمد يد العون ومساعدته لكونه من ذوي الاحتياجات الخاصة.

11125262_430485233779097_1279941048_n

سئم النازحون وتعبوا من القنوات والمصورين والمنظمات الشكلية التي غايتها هي المتاجرة بمعاناتهم وأخذ لقطات لتسويق منظماتهم؛ حيث إن العديد من المنظمات لها سمعة سيئة في سرقة التبرعات، إضافة إلى الرشاوى والمحسوبية وغيرها. ويُشاع أن نسبة كبيرة من التبرعات والأموال يتم تقاسمها بين المسؤولين ويبقى الفتات ليتنافس عليه النازحون المتعبون.

امرأة تنتظر دورها لاستلام المساعدات ، وهذا هو المأوى الذي توفره المنظمات الدولية والحكومية هذه هي الخيام

امرأة تنتظر دورها لاستلام المساعدات، وهذا هو المأوى الذي توفره المنظمات الدولية والحكومية… هذه هي الخيام

IMG_٢٠١٥٠٤١٢_١١٣٤٣٩

!شيخ عراقي في بيته الجديد

والمعاناة تستمر!

يبدو أن معاناة النازحين مستمرة، والأعداد تتزايد مع استمرار الحروب، وعدم وجود ضربات دقيقة تفرق بين المدني والمسلح من قبل الجيش والحشد الشعبي والميليشيات التي هي اللبنة الأساسية في القوات العراقية، وحدوث تخريب للمناطق التي يتم تحريرها من قبل الحكومة، وحرق ونهب بيوت المدنيين، ومنع رجوع العوائل إلى مدنهم، وتدمير كافة البنى التحتية وإبقاؤها مناطق عسكرية، وتغيير التركيبة السكانية في هذه المناطق. ففي جرف الصخر، شمال محافظة الحلة، ومناطق في ديالى وكركوك وحزام بغداد ومدينة يثرب جنوب سامراء وتكريت والدور وعيونات والقائمة؛ تم تغيير أسماء بعض المدن، مثل يثرب وجرف الصخر؛ حيث تم طرد السنة منها ومنع رجوعهم، وتوطين غيرهم، ولم يتم تعويضهم، كما قامت الميليشيات الكردية والشيعية في ديالى بمنع عودة السكان الأصليين في مناطق عديدة من ديالى، وكل من يعود يتم تهديده وتصفيته.

هناك حقائق مفزعة أن العوائل تسكن في خيم، ومحال تجارية، وفي الشوارع، وفي البيوت قيد الإنشاء (الهياكل)، وفي ظروف صحية وإنسانية رديئة؛ دون طعام أو كهرباء أو دواء أو أي من متطلبات الحياة الأساسية.

الصور التالية لعوائل تسكن في المحال التجارية في مدينة سامراء ومدن أخرى في محافظة صلاح الدين:

photo.php1 (1)

بغداد.. الملاذ المفترض!

استمر زحف النازحين الذي شهده العراق في السنوات الأخيرة وحركات الهجرة داخلية التي لم يُشهد لها مثيلٌ في تاريخه؛ مما يسهم في تمزق النسيج الاجتماعي في ظل انعدام وضعف الموقف الوطني في المواقف الإنسانية والمصيرية.

فاليوم، يتعرض أهل الأنبار، ومع دخول العمليات العسكرية إليها، نزوحًا اضطراريًا لآلاف العوائل من الرمادي والمناطق الغربية وعامرية الفلوجة، والذين قطعوا مسافات كبيرة سيرًا على الأقدام من مناطقهم وصولًا إلى المداخل الغربية للعاصمة بغداد؛ حفاظًا على الأرواح ومن أجل بلوغ مناطق آمنة! وبلغ عدد النازحين من أهل السنة ممن توجهوا إلى بغداد أكثر من 120 ألف نازح، وجميعهم محشورون في سيطرات أبي غريب والغزالية؛ حيث قامت قوات الجيش، وبأمر من الحكومة العراقية الصفوية، باحتجاز العوائل ومنعهم من عبور السيطرات ودخول العاصمة بغداد إلا بشرط ضمان “كفيل” من أهالي بغداد؛ وذلك بحجة إجراءات أمنية والخوف من اندساس عناصر إرهابية بين جموع النازحين، وهي حجج لا تستقيم مع واقع الحال! كما أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن 4250 عائلة فرت من وسط الرمادي وأخرى من مناطق البوفراج والبوغانم والبو ذياب في 8 من نيسان 2015 بعد اشتداد المعارك بين القوات العراقية وعناصر من تنظيم الدولة الإسلامية.

كما توجد عشرات الحالات المرضية بين النازحين العالقين، هم من الأطفال والنساء والمسنين والمعوقين؛ مما اضطرهم لافتراش الطرقات، فضلًا عن شح الأغذية ومياه الشرب وغير ذلك من الحاجات اليومية الأساسية وهم يبيتون لأيام على أبواب العاصمة بشرط الكفيل الذي فرض عليهم، وتم تسجيل أكثر من 1000 حالة فقدان للوعي؛ بسبب العطش، ووفاة نحو 30 شخصًا حتى الآن، وأغلبهم من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وآخرين محمولين على مقاعد متحركة، ونحو 100 طفل حديثي الولادة بوضع إنساني صعب وحياتهم مهددة.

كما توفى 6 أطفال نتيجة سوء التغذية وتلوث المياه على جسر بزيبر بين عامرية الفلوجة وبغداد، ودهس عدد من الأطفال بعجلات حكومية! كما تم اعتقال العديد من الرجال والنساء بحجة الاشتباه، وتم تعنيفهم وإهانتهم؛ مما اضطر عوائل كثيرة للذهاب إلى الصحراء والعراء دون دخول بغداد والتعرض للإذلال وانتظار من يكفلهم. كما يُذكر أن الكفالة وصلت إلى 700 دولار يدفعها السني لكي تتم كفالته في بلده!1 11

635649306035775569-نازحووو الانبار 2

وهذه صور لـ “التقرير” التقطت للنازحين قرب جسر بزيبز بانتظار الدخول إلى بغداد:

11160507_430485937112360_1674350711_n11160329_432684293559191_1900364812_n311173622_432683516892602_1148739513_n

الجدير بالذكر أنه تم حرق المخيمات في مناطق بغداد، كما في مناطق السيدية وغيرها، وتواردت أنباء عن أن من حرقها هم أشخاص ينتمون للميليشيات الشيعية، وتم نشر تهديد ويافطات في بغداد لمنع استقبال العوائل السنية بحجة داعش! تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي.

CDJhDdYW4AEak8a.jpg largeCDI-QLNWEAApzv3

الأطفال النازحون يعانون أيضًا:

حقيقة، إن أكثر ما كان يؤلمني أثناء التنقل في المخيمات والمناطق المنكوبة ومناطق النزوح هم “الأطفال” في معاناتهم، وصمودهم، وضعفهم، ونظراتهم؛ وكل الأسى المتعلق بهم.

في كل جولة أرى مئات الأطفال حفاة في الشوارع، وتحت المطر والصقيع شتاءً، ولهيب الشمس والحر صيفًا. وتخلى أغلب الأطفال النازحين عن طفولتهم؛ نتيجة المعاناة والجوع الفقر وغلاء الإيجارات وقلة المساعدات؛ لذلك اضطروا للعمل من أجل البقاء، وليتمكنوا من العيش والحياة في بلدٍ أصبح البقاء فيه للأقوى حرفيًا. أطفالٌ امتهنوا بعض الأعمال ليكسبوا قليلًا من المال؛ بينما غيرهم من الأطفال في بقاع أخرى من العالم، لا يمتلكون ربع الموارد التي يمتلكها العراق، يعيشون طفولة طبيعية؛ فمنهم من يبيع الأكياس والورود أو المناديل الورقية، ومنهم من يعمل في حمالة البضائع وغيرها. التقيت بصبي نازح في مخيم لم يتوقف عن البكاء لنصف ساعة، طوال الوقت وأنا أحاول تهدئته، لكن دون جدوى؛ لم أعلم سبب بكائه: هل هو الجوع؟ أم التشرد؟ أم المهانة التي تعرضوا لها؟ أم أن هناك ألم فقدٍ أو حرمانًا مكنونًا في أعماق هذا الصغير هو الذي فجر دموعه؟

هذه بعض الصور التي التقطتها للأطفال النازحين في مناطق عدة من العراق:

IMG_٢٠١٥٠٤١٢_١٥١٨١٦IMG_٢٠١٥٠٤١٢_١٥١٨٢٦IMG_٢٠١٥٠٤١٢_١٥١٧٤٦

B9LlNdYCYAABC9H.jpg large

IMG_٢٠١٥٠٤١٢_١٥١٦٥٤IMG_٢٠١٥٠٤١٢_١٥١٧٣٠IMG_٢٠١٥٠٤١٢_١٥١٧٤٣IMG_٢٠١٥٠٤١٢_١١٣٤٣٩IMG_٢٠١٥٠٤١٢_١٥١٦٤٨

إن ما يحدث للعراقيين السنة هو نكبة وكارثة إنسانية تضاف لكوارث النزوح التي يعيشها إخوانهم في المحافظات الأخرى، بعد أن أصبحوا ضحايا في العراء؛ يلتهمهم الجوع والعطش والسبي والقتل والتشريد؛ بعد أن طالهم غدر من يسمون أنفسهم “قادة” و”ساسة” و”مسؤولين” ماتت ضمائرهم الإنسانية وجردت قلوبهم من الرحمة ولم تعد تنبض بشيء من الألم والحرقة تجاه هذه الفئة ومعاناتها التي تدمي القلب وتزداد يومًا بعد يوم! بل، أصبحوا يسعون لمصالحهم ويعيشون على ألم غيرهم، بما فيهم المؤسسة الدينية ورموزها الذين انتهجوا الصمت والتغاضي عما يحدث. ولم نر أحدًا من أصحاب الضمائر الحية الذين يدَّعون الإنسانية يشعر بهؤلاء النازحين ويطالب بحقوقهم ويتألم لألمهم؛ لرفع الكارثة التي ألمت بهم، ولا من يسعى لمد يد العون والمساعدة لتخفيف شيء من معاناتهم وتبديد ألم الظروف التي يعيشونها.

أصبح هؤلاء النازحون أرقامًا في سجلات المنظمات والناشطين، يهرعون إلى حيث الأمان ويكافحون لإثبات مواطنتهم وأنهم عراقيون في بلد لم يعد يقوى على حمل أبنائه وهمومهم! وتجول في خواطرهم أسئلة: مالذنب الذي اقترفناه؟ ومن المسؤول عما حدث؟ ومن الذي يعيد إلينا حقوقنا المسلوبة؟ وأين سنشعر بالأمان إذا كان الوطن أكثر الأماكن رعبًا بالنسبة لنا؟!

ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِين



شاهد ايضا ( مشابه )

مجلس عشائر الجنوب
مجلس عشائر الجنوب المكتب الأعلامي
مجلس عشائر العراق العربية في الجنوب هو تجمع عشائري سياسي مقاوم يجمع رؤساء القبائل والعشائر والأفخاذ وشخصيات ثقافية واجتماعية مناهضة ورافضة ومقاومة للاحتلال الأمريكي الغازي وإفرازاته والتصدي للتدخلات الخارجية بالشؤون الداخلية للعراق وخاصة التدخل الإيراني السافر